الشارقة: محمد إبراهيم
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، إن العلاقة بين الدولة والمجتمع، في الوطن العربي، تعد موضوعاً مهماً للغاية، إذ ترتبط على نحو وثيق، بنجاح الأمة العربية، في تعبئة جهودها: «البشرية والمادية»، من أجل تحقيق تقدمها، وسعادة أبنائها وبناتها، بل وتعظيم إسهاماتهم، في تقدم أوطانهم، بل وتقدم العالم كله.
أوضح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: أعتز بأننا في الإمارات، بفضل قيادتها الحكيمة، وشعبها الأصيل، نحظى بعلاقة رشيدة، بين الدولة والمجتمع، انعكست في الإنجازات الهائلة لهذه الدولة، وفي مواقعها المتقدمة، في التنافسية، والسعادة، والتنمية، على مستوى العالم كله، وفيما تظهره: كافة البحوث، من رغبة عارمة، للأفراد من الدول الأخرى، للمعيشة والعمل في الإمارات.
رصد وزير الثقافة وتنمية المعرفة، خلال كلمته أمام المؤتمر السنوي السادس عشر، لمركز الخليج للدراسات أمس، 7 ملاحظات جالت بخاطره في شأن العلاقة بين الدولة والمجتمع، باعتباره مواطناً عربياً، من أبناء الإمارات العربية المتحدة، ويحرص على تقدم وتطور مجتمعاتنا العربية، وعلى توفير كل عناصر النجاح والأمان والاستقرار، في الوطن العربي.
حاضر ومستقبل الأمة
وفيما يلي نص الكلمة:
أحييكم، ويسعدني أن أشترك معكم اليوم، في فعاليات هذا المؤتمر السنوي السادس عشر، لمركز الخليج للدراسات، وهو الحدث السنوي المتجدد، الذي يجسد، حرص القائمين على دار الخليج، للاهتمام بقضايا الأمة العربية، وإتاحة مجالات الحوار والنقاش، حول الأمور المهمة، التي تشكل بحق وعن جدارة: حاضر ومستقبل هذه الأمة، ومنها بالأساس، موضوع هذا المؤتمر، الذي يتعلق، بطبيعة وأبعاد العقد الاجتماعي، الذي يربط كافة عناصر المجتمع، في تلاحم خلاق، وسعي مخلص وجاد، نحو تحقيق كافة الأهداف والغايات: الوطنية والقومية، على السواء.
إن هذا اللقاء السنوي، أيها الإخوة والأخوات، إنما هو دائماً، مناسبة مواتية، نذكر فيها بكل خير، مؤسسي دار الخليج: المرحوم تريم عمران تريم، وأخوه المرحوم عبد الله عمران تريم – عليهما رحمة الله ورضوانه -، حيث نذكر لهما: ريادتهما الفائقة في الصحافة والإعلام، ودورهما المرموق، في خدمة الإمارات، وما كانا يمثلانه، من تحفز كبير، وحماسة فريدة، في العمل الوطني والقومي، بل ودورهما أيضاً، في إرساء دعائم دولة الاتحاد، وتمكينها من أخذ موقعها الفريد، بين دول العالم.
إن هذه المناسبة السنوية المتجددة، في الواقع، إنما تجسد الإنجازات الكبيرة لهما، في مجال الصحافة والإعلام، كما أنها في الوقت نفسه، تذكر الجميع، بأن آثارهما، ما تزال باقية، وأن دار الخليج بإذن الله، سوف تظل، وهي دوماً في المقدمة: تسير على هدي نهجهما، لتكون دائماً وأبداً، وهي الحريصة كل الحرص، على أن تظل المؤسسة الإعلامية الفعالة والناجحة، تلك التي، تزكي مبادئ الولاء والانتماء، لدولة الإمارات، بل وكذلك، للأمة العربية بأسرها – رحم الله الأخوين الكريمين، رحمة واسعة، وألهمنا القدرة، على أن نتابع المسيرة بعدهما، على نفس الدرب، حتى نكون دائماً، صادقين مثلهما، في الاعتزاز بالوطن، والاعتزاز بالأمة، والثقة بقدراتنا وعزيمتنا، على الإسهام الفاعل، في مسيرة العالم.
إنني اليوم، إذ أنظر حولي، في وجوه المشاركين، في مؤتمر هذا العام، فإنما يعز عليَّ كثيراً، أننا نفتقد أيضاً، أخاً عزيزاً، كان له دائماً، دور مرموق، في مؤتمرات دار الخليج – هو المرحوم خلفان الرومي، الذي كان بحق، من جيل الرواد، الذين أسهموا في بناء دولة الإمارات – لا نملك، إلا أن ندعو له، بالرحمة والمغفرة: جزاء ما قدم لوطنه وأمته، من إسهامات كبيرة، في كافة مناحي الحياة: السياسية والاجتماعية والثقافية، وبجهد فائق.
إنه لمن الجدير بالذكر حقاً، أننا اليوم، ونحن نتذكر: هذه القامات الوطنية، من أبناء الإمارات الأبرار، نجد: أن دار الخليج، ومن خلال جوائز تريم وعبد الله عمران الصحفية، تحث على النظر إلى المستقبل، بثقة وتفاؤل، كما أنها تؤكد، أن تحقيق التميز، في العمل الصحفي، هو خير مبادرة، للحفاظ على ذكرى الراحلين – أهنئ الفائزين والفائزات، متمنياً لهم جميعاً، دوام النجاح والتفوق، وأن يكونوا باستمرار، جديرين بهذه الجوائز، التي تحمل اسم الراحلين الكريمين.
موضوع مهم للغاية
إن موضوع مؤتمركم هذا العام، يدور حول العلاقة، بين الدولة والمجتمع، في الوطن العربي، وهو موضوع مهم للغاية، لأنه يرتبط على نحو وثيق، بنجاح الأمة العربية، في تعبئة جهودها: البشرية والمادية، من أجل تحقيق تقدمها، وسعادة أبنائها وبناتها، بل وتعظيم إسهاماتهم، في تقدم أوطانهم، بل وتقدم العالم كله.
اسمحوا لي في هذه المناسبة، وكعادتي معكم في كل عام، أن أضع أمامكم: بعض الملاحظات السريعة، التي جالت بخاطري، عندما بدأت التفكير، فيما سأقوله لكم اليوم – هذه الملاحظات، أضعها أمامكم، باعتباري غير متخصص في هذا الموضوع، بل باعتباري فقط، مواطناً عربياً، من أبناء الإمارات العربية المتحدة، حريصاً كل الحرص، على تقدم وتطور مجتمعاتنا العربية، وعلى توفير كل عناصر النجاح والأمان والاستقرار، في الوطن العربي.
وجود تعريفات واضحة
أولى هذه الملاحظات، هو ما أراه ضرورياً، من وجود تعريفات واضحة، لمفاهيم ومصطلحات الدولة والمجتمع – هذه التعريفات، وكما نلاحظ من حولنا، تختلف من مجتمع إلى آخر، بل إنها من زمن لآخر، قد تختلف في المجتمع الواحد، الدولة بطبيعتها، هي جزء من المجتمع، والمجتمع بطبيعته، وجوده يسبق الدولة، الدولة، وحدة سياسية، بينما المجتمع، هو السكان جميعهم بكافة علاقاتهم: الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، الدولة، تمارس مهام السيادة، والدفاع عن الوطن، وحماية سيادة القانون، ولها دور مهم، في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المجتمع والدولة معاً، في الوطن العربي، هما امتداد لتراثنا العربي والإسلامي، الذي يحدد القيم، والمبادئ الأساسية للفرد والجماعة، ويحدد كذلك: المسؤوليات، والحقوق، والواجبات، هذه القيم والمبادئ، نجدها خالدة عبر الزمان والمكان: تؤثر الآن وتتأثر، بالعوامل السائدة في هذا العصر، الذي هو عصر العولمة: عصر التفاعل، بين الحضارات والثقافات، وأيضاً، عصر الاهتمام بالإنسان، باعتباره أساس التقدم وغايته، في الوقت ذاته، بل وكذلك، عصر الضغوط والتوقعات الدولية المتلاحقة.
تحقيق تلاحم المجتمع
الملاحظة الثانية: هي أن تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع هو أمر، تحدده الدولة والمجتمع معاً، ويتضمن: التوقعات، والمسؤوليات المحددة لكلا الطرفين، كما يتضمن: قيام الدولة بدورها، في تحقيق هذه التوقعات، والاستجابة لاحتياجات المجتمع، من خلال مؤسسات قوية، وقوانين ونظم ملائمة، بل وأيضاً، خطط تنفيذية، تتسم بالشفافية والكفاءة، تتضمن هذه العلاقة كذلك، أدوات واضحة، وأطراً متطورة باستمرار، للتواصل بين الدولة والسكان، وقيام الأفراد ومؤسسات المجتمع، بأدوارهم المقررة، وهي أدوار، تهدف إلى تحقيق تلاحم المجتمع، وتعزيز مجالات التعاون، والعمل المشترك، بين أفراده ومؤسساته، بل وأيضاً، إلى حماية الدولة ذاتها، وتقوية مؤسساتها، وتمكينها من القيام بوظائفها، بكفاءة وإتقان كل هذا، في إطار، ينبع من ظروف واحتياجات كل مجتمع، وآمال وطموحات أبنائه وبناته، وبما يجعل الدولة والمجتمع معاً، أكثر عزماً، وأقوى تصميماً، بل وأعظم قدرة، على تحقيق التقدم والنماء، وعلى نحو شامل.
أساس تحقيق الوحدة الوطنية
ثالثاً: أن العلاقة القوية والناجحة، بين الدولة والمجتمع، هي من وجهة نظري، الأساس المتين، لتحقيق الوحدة الوطنية، والعكس أيضاً هو الصحيح: الوحدة الوطنية، هي الطريق الآمن، إلى علاقة مثمرة، بين الدولة والمجتمع – الوحدة الوطنية، تبدأ بتعريف واضح، للمصالح الوطنية المشتركة، وتنطلق من حرص الجميع، على تحقيق السعادة وجودة الحياة، لكل فرد فــي المجتمع، الوحدة الوطنية، هي السبيل للمواجهة الناجحة، للتغيرات والتطورات الهائلة، في المجتمع والعالم، إنها السبيل، إلى مجتمع مدني قادر وناجح، هي السبيل، إلى إرساء مبادئ التضامن والتكافل، والعمل المشترك، في ربوع الوطن إنها المجال، الذي تنمو فيه، قيادات الدولة والمجتمع، كما أنها الإطار الذي يمكن معه إحداث التوازن المطلوب في العلاقة بين الدولة والمجتمع.
دور أساسي للقيادة
رابعاً: من المهم للغاية، أن ندرك سوياً، أن قيادات الدولة، لها دور أساسي، في تحديد معالم العلاقة، بين الدولة والمجتمع وهنا، أود أن أشير، إلى تجربتنا، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وما تمثله، من نموذج مرموق، لدور القيادة الواعية والنابهة، في تحقيق الوحدة الوطنية، إلى جانب، توفير الرخاء والتقدم في المجتمع، لقد كان حظنا موفوراً، أن هيأ الله لنا، القيادة الحكيمة، للمغفور له الوالد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله وأجزل ثوابه، وهو الذي، كان مثالاً رائعاً للقيادة، وكانت له رؤية واضحة، لمسيرة المجتمع، كما كان يملك تأثيراً ومصداقية، على كافة المستويات، كانت لديه القدرة، على اجتذاب أفراد ومؤسسات المجتمع، إلى مشاركة رؤياه وخططه، نحو المستقبل.
إننا نحمد الله، على أن صاحب السمو الوالد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يسير على نفس النهج، برؤية حكيمة، ونظرة ثاقبة: يشجع كافة المبادرات، التي تدعم قدرات المجتمع، على التطور والتقدم – إننا نحظى أيضاً، وبفضل الله، بالقيادة الفاعلة والرشيدة، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهما أصحاب السمو الشيوخ، أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، وجميعهم، يؤكدون دائماً، على تنمية قدرة المجتمع، وتنمية قدرة أبناء وبنات الإمارات، على التطور الدائم، والإنجاز المستمر، بل والإسهام النشط، في مسيرة الدولة والعالم.
إن ما نراه في الإمارات اليوم، من علاقة طيبة، بين الدولة والمجتمع، نجد أساسه، في الرؤية الواضحة، لقادة الدولة، ونجاحهم في إيجاد مناخ وطني، يحقق مشاركة الجميع، واندماجهم في المجتمع، والتزامهم بخدمته، ورفع مستوى المعيشة، لجميع سكانه، إن ما نراه في الإمارات، نجد أساسه، في المثابرة، والمتابعة، والاستمرارية، والأخذ بالمبادرات الرائدة، نجد أساسه أيضاً، في التلاؤم، مع متطلبات العصر، وما يشهده، من قدرة متنامية للإنسان، ومن السعي الجاد، إلى بناء العلاقات والشراكات: الممتدة والناجحة، على كافة المستويات في المجتمع، قادة الإمارات حريصون كل الحرص، على التمسك بالقيم والأهداف الاستراتيجية، والتفكير الحصيف والواعي، للمستقبل.
نخبة وطنية مستنيرة
خامساً: علينا أن ندرك: أن نجاح العلاقة، بين الدولة والمجتمع، يتطلب دائماً وباستمرار، نخبة وطنية مستنيرة، قادرة على العمل المثمر، مع قادة الدولة، ويتطلب أيضاً، مؤسسات مجتمعية متطورة، ووسائل إعلام فعالة، تكون حافزة أيضاً، لجميع أفراد المجتمع، للتركيز على القضايا والأهداف المهمة، في مسيرة المجتمع والأمة.
سادساً: إنني أرى كذلك، أن العلاقة الناجحة، بين الدولة والمجتمع، هي جزء أصيل، من مكونات الهوية الوطنية، لأن نجاح تلك العلاقة، يتطلب بالدرجة الأولى، أن تسود في ربوع المجتمع، كل معاني الحكمة، والشجاعة، وسعة الأفق، واستلهام التاريخ والتراث، وتحديد المسؤوليات، والولاء والانتماء للوطن، بالإضافة إلى مبادئ العدل، والكرم، والمحبة، والأخوة، والثقة بالنفس، والثقة في الدولة، والقدرة على الإنجاز، والحرص عليه، في إطار نظرة واعية، إلى المستقبل نحن في الإمارات بحمد الله، نحظى قيادة وشعباً، بهذه الخصائص والصفات، التي أصبحت رمزاً لنا، يعرفها عنا العالم كله.
سابعاً: إنني أشارككم الرأي، في أن التحديد الواضح، للعلاقة بين الدولة والمجتمع، في الوطن العربي، هو أمر ضروري ولازم، في تشكيل رؤيتنا لمستقبل الأمة، وتحديد أدوارها، في المنطقة والعالم. أضف إلى ذلك، أن الحرص الكبير، على الوحدة الوطنية، وتحقيق مصالح الوطن وأهدافه، يجب أن تكون دائماً، نقطة البدء، في بلورة كافة أبعاد هذه العلاقة، التي هي في الأساس، منظومة متكاملة، تجسد عناصر الانتماء للوطن، والاعتزاز بالقيم والمبادئ، التي يقوم عليها المجتمع، إلى جانب: الممارسات والسلوكيات الجيدة والطيبة، لأبناء الأمة، بل هي أيضاً، تعبير عن الحرص على العمل والإنجاز، واحترام الإنسان لنفسه ولغيره، وحرص المجتمع، على سعادة كافة أبنائه وبناته.
اعتزاز بالأمة العربية
قال الشيخ نهيان بن مبارك: أنني وبتواضع شديد، أضع أمامكم هذه الملاحظات، التي أؤكد من خلالها، رؤيتي الحقيقية، في أن العلاقة الجيدة، بين الدولة والمجتمع، تتطلب تحديداً للمفاهيم، وتركيزاً على الوحدة الوطنية، باعتبارها الغاية الأسمى، في هذا المسعى الجاد والمنشود. هذا، إضافة إلى الالتفات، إلى دور القيادة السياسية، ودور النخبة، ودور مؤسسات المجتمع، في تحديد معالم هذه العلاقة، وارتباط ذلك كله، برؤيتنا لأنفسنا، وفهمنا لهويتنا، ونظرتنا إلى المستقبل الناجح بإذن الله، الذي ينتظر الأمة العربية الخالدة.
في ختام كلمتي، لابد أن أشير: إلى أن حضوري معكم هذا المؤتمر، يؤدي دائماً، إلى تعميق اعتزازي بالأمة العربية، ويؤكد ثقتي، في مستقبلها، لأنني أرى في مناقشة كافة هذه القضايا، علامة واضحة، على رغبتنا، في مواجهة كافة التحديات، بعزم وقوة، وأرى فيها كذلك، ما تتسم به أمتنا، من إرادة قوية، وتصميم على النجاح.
مرة أخرى، أحييكم، وأشكر دار الخليج، لتنظيمها هذا المؤتمر السنوي الناجح، وأبارك فوز الفائزين، بجوائز تريم وعبد الله عمران الصحفية، وأتمنى لكم: مناقشات ناجحة، تثري مسيرة الأمة، وتساعدنا، على مواجهة التحديات المهمة، في هذا العصر.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.