التعليم.. السلاح الأقوى لولوج المرأة الثورة الصناعية الرابعة
الشارقة: محمد إبراهيم وإيهاب عطا
أكد خبراء وأكاديميون وأساتذة جامعات، أن التركيز على التعليم، وتطوير مساراته، بما يواكب اتجاهات الثورة الصناعية الرابعة، يعد السلاح الأقوى؛ لتمكين المرأة ومختلف فئات المجتمع؛ إذ يسهم بشكل كبير في إعداد أجيال قادرة على مواكبة اتجاهات تلك الثورة ومخرجاتها، فضلاً عن التركيز على الأسرة، وتعزيز دورها في تربية النشء بوسائل حديثة، تواكب في مضمونها، ما تشهده المجتمعات من تغيرات وتطورات متسارعة في التكنولوجيا التي باتت تلازم الإنسان في مختلف المناحي.
وأشاروا إلى أهمية دور المرأة في المجتمعات؛ لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف الميادين، موضحين أن الثورة الصناعية الرابعة، والثورات التي تتبعها، تتطلب المزيد من الاستعداد، ليس للمرأة فقط؛ بل لجميع الفئات في المجتمعات.
أفاد الخبراء والأكاديميون المشاركون في «المائدة المستديرة» بأن تلك الثورات تشكل مزيجاً جديداً من الثقافات، والاتجاهات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم، ومتغيرات المستقبل في المجالات كافة، ما يفرز أداوراً جديدة للمرأة؛ تعزز قدراتها على مجابهة تحديات تلك الثورة التي قد تحمل معها الكثير من الصعوبات التي تعوق مسيرتها.
جاء ذلك خلال مناقشات المائدة المستديرة التي حملت عنوان: «آفاق عمل المرأة في ظل تحديات الثورة الصناعية الرابعة»، أدارها الدكتور يوسف الحسن، وتحدث فيها محمد المر، رئيس مجلس إدارة «مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم»، والدكتور جميل مطر، الباحث والمفكر والدبلوماسي السابق، والدكتورة عائشة السيار، الوكيلة المساعدة لوزارة التربية والتعليم سابقاً، والمهندسة غالية المناعي، مديرة إدارة تقنية المعلومات في الاتحاد النسائي العام.
استحضار الواقع
ورحب الدكتور يوسف الحسن، بالحضور ودور كل منهم في الاهتمام بقضية تمكين المرأة العربية والإماراتية، على السواء، مشيراً إلى أن مشاركة الدكتورة عائشة السيار، استحضار لواقع تمكين المرأة في المجتمع الإماراتي، منذ اللحظات الأولى في التربية والتعليم، وأنها صاحبة كتاب كان من أوائل الكتب التي عرفتنا بدولة «العاربة» التي كانت كان لها دور في مواجهة حملات البرتغاليين.
وأبدى الحسن، ملاحظة عن التمثيل غير الكثيف للمرأة في المؤتمر، رغم أنه يناقش قضية تخص المرأة؛ وهي التمكين، في الوقت الذي بذلت فيه اللجنة المنظمة للمؤتمر جهداً ومساعي كبيرة، وأجرت الكثير من الاتصالات؛ لحث كثير منهن على المشاركة، وهناك مقولة قد تكون خلاصة لممارسة المرأة العمل المجتمعي والسياسي، قالتها هيلاري كلينتون، عن أن النساء لا تعطي صوتها في الانتخابات للمرأة، وهو ما تكرر في تجربتين في البحرين والكويت، وهذا يحتاج إلى البحث والدراسة، للأسباب التي تؤدي إلى عزوف والمرأة وتمنعها.
وشدد على أننا لا نستطيع أن نعيش في عزلة عن المجتمع الدولي ومنظماته، ولا عن الخطاب الدولي، ولا عن المشاركات ولا المصطلحات التي يستخدمونها؛ مثل: حقوق الإنسان وغيرها، رغم وجود أجنداتها الخاصة، إلا أنه بالنسبة لنا، لا بدّ أن نتحدث عن تمكين المرأة.
وتوقف الدكتور الحسن، أمام ما ذكرته الوثائق البريطانية، عن دور المرأة في بدايات القرن الماضي، في صد الغزو الذي بدأ من رأس الخيمة، ولم تتجاهله. وهناك أدوار أخرى؛ تتمثل في وجودها في البيت، ومشاركتها في تولي أموره، في غياب الرجل في رحلات الصيد أو الغوص؛ فقد كانت تقود البيت، وتدير شؤونه، قبل أن يبدأ الحديث عن تمكينها ومساواتها بالرجل، في الفرص وهي واردة دينياً وإنسانياً.
وأشار إلى أنه لا يزال هناك جدل في المجتمعات العربية، عن وضع المرأة، فالبعض يقول إننا مكّناها حتى تمردت، وآخرون يتحدثون عن اضطهاد ما زالت المرأة تعانيه، ورغم هذا وذاك، فهناك إنجازات تحققت.
تمكين المرأة
وأكد محمد المر، أن تمكين المرأة في الإمارات، بدأ منذ الاتحاد، وركزت القيادة الرشيدة، على تعزيز مكانتها، ودعم مسارات تمكينها في المجتمع بمختلف المجالات، حتى سجلت حضوراً لافتاً على كل المستويات داخلياً وخارجياً، وبات تمثيلها للدولة مشهوداً في المحافل الدولية والعربية.
وأكد أن المرأة تشكل جزءاً أصيلاً في أي مجتمع، ودائماً نصيبها محفوظ في مواجهة التحديات، ورسم المستقبل، فالثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم، وما تحمل من مسارات واتجاهات جديدة، وتطورات متنوعة أحد التحديات التي تنتظر المرأة؛ لذا ينبغي أن تكون على قدر كبير من الاستعداد لمجابهتها.
وقال: إن الثورة الصناعية الرابعة ومكوناتها، لا تضم أفراداً سواء من «النساء أو الرجال»؛ بل تركز على المجتمعات والحكومات والأنظمة والدول، وهنا ينبغي أن يكون الجميع شركاء فاعلين؛ لمجابهة ما تأتي به من تحديات، مع التركيز على استحداث مسارات جديدة؛ للتنمية المستدامة، وموارد الدخل بعيداً عن مصادر النفط، وهذا ما ركزت عليه الإمارات ضمن خططها المستقبلية واستراتيجياتها التي تضمنت موارد جديدة متنوعة للدخل؛ مثل: الزراعة والصناعة والسياحة.
وأكد أن كلمة السر وراء مجابهة تحديات أي ثورة علمية أو تقنية، تكمن في تحويل مجتمعاتنا إلى مجتمعات إنتاجية في المجالات كافة.
عدم المبالغة
وركز الباحث جميل مطر، على أهمية عدم المبالغة في تمكين المرأة، حتى لا يتحول الأمر إلى فوضى تفرز نتائج سلبية تؤثر في المجتمع بمختلف فئاته، مؤكداً أهمية انتباه المرأة إلى الجنس الجديد، الذي يضم كائنات صناعية، تعمل وفق آليات الذكاء الاصطناعي، ورغم أنها تشكل عصر قدوم الآلة، فهي تنافس المرأة في مكوناتها وأنوثتها، وطرائق تفكيرها.
وأفاد بأن استعداد المرأة للمستقبل، أمر لا بد منه، لاسيما أن هناك صعوبات جمة؛ بسبب تطور المجتمعات المتسارع في المجالات كافة، لاسيما بسبب وجود التكنولوجيا التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، موضحاً أن المبالغة في مهاجمة الرجال بعد ثورة التمكين التي تسود العالم، بمختلف أطيافه، قد تفرز نتائج سلبية، تؤثر في العلاقات الإنسانية، ما يزيد حالات القلق والتوتر التي تعيشها بعض المجتمعات.
مظاهر التحديات
وأكد أن الثورة الصناعية الرابعة، ما هي إلا إحدى مظاهر تحديات المستقبل، لا تخاطب المرأة أو الرجل؛ بل آثارها تطاول المجتمعات بمختلف فئاتها، في وقت رأى أن الصعوبات في مواقع العمل أحد التحديات التي تواجه النساء حالياً ومستقبلاً، فضلاً عن مفهوم التحرش الذي جاء يحمل مبالغة كبيرة؛ من حيث المعنى والمضمون، لاسيما في بيئات العمل، ما يؤثر سلباً في علاقات المرأة بالجنس الآخر، مؤكداً أهمية تأهيلها لقبوله، بما يحمله من اختلافات، وهنا تكمن مهارات المرأة في التعامل مع المتغيرات الحياتية، التي قد تختلف مفاهيمها في عصر العولمة والثورة الصناعية الرابعة ومخرجاتها.
وحذر مطر مما سمّاه «كيد الرجال»؛ بسبب المبالغة في الضغوط لتمكين المرأة؛ إذ يؤثر ذلك في دور الرجل في بيته ومع أسرته، وكذا في عمله، لاسيما مع وجود مواقع التواصل التي باتت الملاذ الكبير للجميع؛ لتظهر لدينا نوعية جديدة من الإهمال لدى الرجال؛ بسبب تلك المبالغة؛ مثل: إهمال الأسرة والعمل والحياة الاجتماعية؛ ليعيش في عالمه الافتراضي، لا يدري بما يدور حوله، ما يسهم في ارتفاع نسب الطلاق، ونسب العنوسة، لنصل في نهاية المطاف إلى البطالة التي تهدد كيان الرجال.
الجفاف العاطفي
وأشار إلى أن وجود الآلة يشكل تحدياً كبيراً للجنسين «المرأة والرجل»؛ إذ يفرز ما يُعرف ب«الجفاف العاطفي»، الذي أصاب بعض المجتمعات حالياً، وهنا يقودنا هذا إلى شعور بفقدان الرجل أو المرأة لإنسانيتهما، وهذا مؤشر خطر، يهدد استمرارية حياتنا، مؤكداً أهمية تضافر جهود الرجل والمرأة في جميع المجتمعات؛ لمجابهة تلك التحديات، وإيجاد مسارات واعية؛ للتعايش مع الثورة الصناعية الرابعة، وما يتبعها من ثورات تكنولوجية.
نزاعات وصراعات
وعلق مدير الجلسة الدكتور يوسف الحسن، على ما سبق طرحه، قائلاً: إن هناك مثالاً واضحاً على دور المرأة؛ يتمثل في مصلحة المرأة تماماً مثل مصلحة الرجل في وقف النزاعات والصراعات في المنطقة العربية، فما الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في هذا المجال وبناء السلام، فقبل أسبوعين تقريباً تمت مناقشة هذه المسألة في أحد المؤتمرات، وأجاب عن هذا السؤال وهو أنها تقوم بالتربية، وهناك أمثلة حية في المناطق التي لا تزال الصراعات دائرة فيها؛ مثل: سوريا واليمن، في وقت أصبح أطفالها خارج التعليم، وهذه قضية يجب أن نهتم بها مستقبلاً على جميع المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
تجربة متفردة
وأوضحت الدكتورة عائشة السيار، أن الحديث عن تمكين المرأة كثر في الآونة الأخيرة، ما يجعل من المفيد الحديث عن تمكين الرجل أيضاً، ودولة الإمارات بدأت تمكين المرأة منذ اللحظات الأولى لقيامها؛ بتجربة ناجحة ومتفردة في مسيرة المرأة الإماراتية التي استطاعت رغم الواقع الصعب، عند بدايات تأسيس الدولة، أن تنهض وتعوض كل ما فاتها من فرص التطور والتحديث، فأصبحت بعد أقل من عقد، الرقم الأهم في طلب العلم، والمشاركة في كل مجالات العمل العام؛ حيث كان التعليم هو الوسيلة والهدف في آن واحد، والركيزة الأساسية لنهضتنا الحديثة، والتي أطلقها قائد مسيرتنا الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، وقادتها برشاد واقتدار سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، «أم الإمارات» رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وأشير هنا إلى كتاب «المرأة الظبيانية» الذي وثق لتلك الرؤى والصياغات والأطر التشريعية التي صاغت تلك النهضة.
سياسة التمكين
وأضافت: إن سياسات التمكين، ودعم المرأة توالت بعد ذلك، بالاستراتيجية الوطنية؛ لتمكين المرأة، وما تلاها من مبادرات وقرارات من قيادتنا الرشيدة؛ لدعم وجود المرأة، وتمكينها من المشاركة بفاعلية في العمل الوطني العام، وتحقيق التنمية المنشودة، والآن ونحن نعيش بدايات الجيل الرابع من الثورة الصناعية التي تتدفق مخرجاتها بكل جديد كل يوم من وسائط المعرفة والتواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي الذي غزا كل المجالات تقريباً.
وأشارت إلى أن كثيراً من الخبراء يعتقدون أن المرأة ستكون الخاسر الأكبر، عندما تقلص تلك الثورة من فرص العمل للأفراد، وتضع بدلاً منهم تطبيقات وروبوتات آلية؛ لكن البعض يرى أن أهداف الثورة الرابعة لن تتحقق إلا باشراك النساء في العمل في التكنولوجيا بشكل أكبر؛ نظراً لطبيعة ثورة المعلومات، وإتاحتها بنقرة زر تمكن الكثير من النساء من إقامة المشاريع وإدارتها والابتكار فيها من دون تكبد عناء الصراع خارج البيت أو مخالفة ظروفها العائلية أو الالتزام بساعات العمل الطويلة.
وتابعت: إن هناك الكثير من التجارب الناجحة في دول العالم الثالث لنساء استطعن تحسين أحوالهن المعيشية إلى الأحسن، وإدارة مشروعاتهن من البيت، استمعت إلى كثير من قصصهن أثناء مشاركتي في مؤتمرات سيدات الأعمال في العالم.
استراتيجية الإمارات
وثمنت السيار، مبادرة القيادة الرشيدة؛ بإطلاق استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات؛ حيث كان من أهم محاورها إنسان المستقبل؛ عبر تحسين مخرجات قطاع التعليم الذي يرتكز على التكنولوجيا والعلوم المتقدمة والهندسة الحيوية وتكنولوجيا النانو والذكاء الاصطناعي؛ لتأكيد أن التعليم مفتاح التقدم والارتقاء والترجمة الصحيحة لطموحاتنا وطموحات الأجيال التي تدق باب المستقبل الآن، كما ينبغي مواكبة تلك الثورة، واستشراف المستقبل، والتحضير له، وهذا ما يقوم به مركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات، التابع ل«مؤسسة دبي المستقبل»، ووقع اتفاقية تأسيسه سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أثناء انعقاد القمة ال49 ل«منتدى دافوس العالمي» في يناير/كانون الثاني 2019، كما يأتي اختيار سارة الأميري، وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة، وترؤسها لمركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات، دلالة تنبئ عن استمرار دعم وتمكين المرأة؛ عبر السياسيات والخطط؛ لتنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية؛ للاستفادة من إنجازات الثورة الصناعية الرابعة، لخدمة المجتمع وتحقيق السعادة والرفاه لأفراده من الرجال والنساء.
وطالبت بتدعيم الجوانب الإنسانية لتلك الطفرة، والاهتمام بالإنسان، وتوفير معايير الجودة لمناحي حياته المختلفة، والارتقاء بها، أخذاً بقول جان ميشيل لانكية، مدير المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية بفرنسا «ينبغي في السباق الراهن عدم التضحية بما هو إنساني على مذابح التكنولوجيا».
آلية وطنية
وقالت غالية المناعي، مديرة إدارة تقنية المعلومات في الاتحاد النسائي العام، إنه في عام 1975 وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بذرة التمكين للمرأة؛ بتأسيس الاتحاد النسائي العام، وهو أول آلية وطنية معنية بتمكين المرأة في الدولة، برئاسة سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، «أم الإمارات» وكلنا فخر بما وصلت إليه الإماراتية من إنجازات، ونؤمن بأهمية إشراك المرأة الإماراتية في عملية تنمية المجتمع المستدامة.
ودللت على تمكين المرأة في المجتمع الإماراتي بأمثلة عدة في قطاعات ومؤسسات حيوية؛ مثل: شركة «أدنوك» التي كانت أمامها صعوبة واضحة في عمل المرأة في حقول البترول؛ لأنه من الصعب تخيل المرأة وهي تعمل في المواقع والحقول، فأتاحت الشركة الفرصة لزيادة تمثيل المرأة، ووفرت لها بيئة مناسبة، وهناك 5000 موظفة ومهندسة وفنية في «أدنوك»، وهي معنية بشكل مباشر في وظائف العلوم المتقدمة. وهناك مثال آخر في مؤسسة الإمارات النووية، ففيها 359 موظفة من المهندسات في مجال الطاقة النووية، بينهن 81 قيادة نسائية، ونسبة التوطين فيها 20%، وهي نسبة ممتازة على الصعيد الدولي. وهناك تجربة أيضاً في موانئ المقطع التابعة لموانئ أبوظبي، وهذه الشركة متخصصة في التعاملات الرقمية التجارية، والتحديات الموجودة دائماً نجد لها حلولاً بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وكذلك بطرح التحديات الخاصة بالمرأة ومناقشتها من قبل الشخصيات النسائية، وهناك مشروع يجري العمل فيه تشارك فيه 60 ألف امرأة؛ لطرح تحديات المرأة ومناقشتها.
آفاق الثورة
وشددت الدكتورة عائشة السيار، على ضرورة أن يستوعب التعليم آفاق الثورة الصناعية الرابعة، والتوافق والتكيف مع معطياتها بمنظومة تعليمية متكاملة، وبسلم تعليمي مرن ومتنوع؛ بحيث يفتح أمام الأجيال أبواب التعليم المستمر، ويستكشف معهم آلاف التخصصات الدقيقة التي يحفل بها العصر الجديد ويصل بهم، الذكور والإناث، إلى آلاف فرص العمل التي تتيحها لهم الآفاق العلمية والعملية المرتبطة بتلك الثورة، وكذلك ضرورة أن تتضافر الجهود بين القائمين على التعليم والعاملين في مجال تطوير التكنولوجيا؛ لتوظيف منتجاتها لتخدم العملية التعليمية، بإضافة التشويق والفضول لعناصر البيئة التعليمية من مواد المنهاج الدراسي، وفصول الدراسة ووسائل تواصل فاعلة بين المعلم والمتعلم؛ بحيث تلبي الاحتياجات الفردية لكل طالب.
د. فاطمة الشامسي:على المرأة أن تبقى مستعدة لكل التغيّرات
قالت الدكتورة فاطمة الشامسي، من جامعة السوربون – أبوظبي، في ورقتها:
الثورة الصناعية الرابعة تشكل منعطفاً مهماً سيكون له تأثير مباشر في وظائف المستقبل، وتنطوي على تحديات كبيرة تفرض علينا ضرورة الاستعداد الأمثل والتخطيط الجيد، لتقليل التحديات والجاهزية لمتطلبات المرحلة.
وحيث إن الاستراتيجية الوطنية اعتمدت الابتكار المعرفي ركناً أساسياً في التطور المستقبلي لهذه الدول، وحددت مجموعة من القطاعات التنموية الحيوية التي تركز على الإبداع والابتكار في صنع المستقبل، ومن ثم فإن من المتوقع أن تعي المرأة هذا التوجه وتتجه بكفاءة عالية وجدارة إلى قطاعات استراتيجية تنموية جديدة، للتوافق مع وظائف تلائم المرحلة المقبلة. والسؤال الذي يطرح نفسه ما متطلبات وظائف المستقبل؟
أشارت دراسات متعددة، إلى عوامل يجب الانتباه إليها من أهمها:
– اختفاء عدد من الوظائف، وتحول جذري لوظائف أخرى، مع ظهور وظائف بمتطلبات ومهارات جديدة ومثيرة. وأشارت التقديرات إلى هناك نحو 21 مليون وظيفة مستقبلية جديدة تتطلب مهارات مختلفة، و47٪ من الوظائف الحالية ستصبح آلية، وأغلبها تتطلب استخدام التكنولوجيا الأكثر تطوراً.
كل هذه التحولات تشكل تحديات ليس للمرأة فقط إنما للجميع، لذلك من أجل أن تضمن المرأة وجودها الفاعل ومشاركتها الإيجابية والفاعلة في مختلف مواقع العمل عليها أن تسعى جاهدة، لتأمين وجودها وتفكر خارج الإطار التقليدي للوظائف، لضمان وظيفة المستقبل.
فوظائف المستقبل كوظائف أبحاث الفضاء الخارجي والطاقة المتجددة والطاقة النووية، وتصنيع الأقمار الصناعية وإطلاقها، وتكنولوجيا صناعة الطيران والأسلحة العسكرية، ترتكز على مهارات عالية تتطلب تخصصات علمية وتكنولوجية وعلوم الهندسة والرياضيات أو ما يطلق عليه STEM.
ولأن عدم التطابق بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم، قد يتسبب في تقليل فرض المرأة في وظائف المستقبل، يجب تأكيد أنه تبقى صناعة أو وظيفة بمأمن من استخدام التكنولوجيا والحوسبة والسحابة الذكية، ما يعني أن التكنولوجيا ستكون هي الأساس وهي المؤشر الرئيس في اختبارات الحصول على الوظيفة.
وأضافت: يجب استشراف تأثير هذه التغيرات في مستقبل مشاركة المرأة، فإذا ظل عملها مركزاً في القطاعات والمهن المعرضة لخطر الأتمتة، وظلت تتجه إلى التخصصات التقليدية، فمن المتوقع أن تتلاشى سريعاً أغلب المكاسب التي تحققت للمرأة وأدت إلى مشاركتها الفاعلة في سوق العمل.
استخدام الروبوت
رداً على سؤال سالم علي المهيري، عن الثورة الصناعية واستخدام الروبوت وتحديد مدى مسؤوليته عن أفعاله، وكيفية تجريمه في حال ارتكاب جريمة أو خطأ، قال الدكتور يوسف الحسن: إنه حالياً تناقش تلك القضية للدراسة في المجالس والمؤسسات القانونية ذات الصلة؛ لإيجاد وسن قوانين لهذا الكائن المخلق تكنولوجياً؛ لتحديد مدى المسؤولية إذا كانت تقع عليه أم على المخترع أو المصنع له، وهو ما قد يتبلور في المستقبل في شكل تشريعات وقوانين واضحة.
تفوق الطالبات
أكد الدكتور عبد الغني العبني، رئيس قسم هندسة الطاقة المتجددة في جامعة الشارقة، تفوق الطالبات في مجالات التعليم، مقارنة بالشباب، لاسيما في المجالات والتخصصات الجامعية الجديدة التي تخاطب المستقبل؛ مثل: الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والفضاء، موضحاً أن نسبة الطالبات في الكلية بلغت 67%، ومعظم الخريجات التحقن بمناصب وظيفية جيدة، مشيراً إلى أن جامعة الشارقة افتتحت مؤخراً كلية الذكاء الاصطناعي؛ لمواكبة المسارات الحديثة في التعليم المستقبلي.
شكراً دار الخليج
تقدم المستشار الإعلامي السعودي مجدي سالم، بشكر ل«دار الخليج»، وللقائمين على المؤتمر، فضلاً عن المناقشات الثرية التي تسهم في مسيرة تمكين المرأة، مؤكداً أن الإمارات نجحت في إعداد سياسة تمكين المرأة؛ عبر مسارات نوعية، جعلتها قادرة على مجابهة التحديات، والدخول في مختلف المعتركات بأنواعها والتغلب عليها؛ لتسجل حضوراً لافتاً في المجالات كافة.
سن التشريعات
أكد محمد المر، في رده على مداخلة للدكتورة مريم لوتاه، أهمية سن التشريعات والقوانين في عصر الثورة الصناعية الرابعة، حفاظاً على الحقوق الإنسانية سواء للرجل أو المرأة، وضمان أمن ورفاهية الإنسان، حتى تتمتع تلك الثورة بضوابط وحدود تمكننا من إدارة المستقبل، وفق معايير معلومة وواضحة المعالم، مؤكداً أهمية الاستمرار في التنمية المجتمعية في مختلف المجالات، على أن تكون المرأة إلى جانب للرجل.
تغوّل التكنولوجيا
طمأنت الدكتورة عائشة السيار، المجتمع الإماراتي من مخاوف البعض حول تغول التكنولوجيا وسيطرتها وسلطانها على العقول، والتدخل في عملية تشكيل الوعي وما يطرحه المؤثرون في مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات أصبحت تؤثر في تربية الأبناء، قائلة: إن مواجهة هذا السلطان يتمثل في دور المرأة والأسرة في تربية الأبناء وتعاون المجتمع؛ عبر مؤسساته المختلفة وخاصة المعنية بتقديم وتطوير التكنولوجيا الحديثة، وهذا من الممكن أن نضع حائط صد؛ من خلال تحديد سقف لتلك الثورة الصناعية.
المرأة والذكاء الاصطناعي
أكد عدد من الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى اختيار الآلات كبديل عن البشر في بعض المجالات، ولكن تبقى مستويات الذكاء العاطفي لدى النساء الأعلى قيمة، وهنا نحن بحاجة أكبر لأدوار تفهم السلوك البشري بطرق لا تقدر عليه الآلات؛ حيث تتطلب تلك الأدوار فهم السياقات الاجتماعية والتعاطف والرحمة، وهنا يتفوق ذوو المستويات الأعلى من الذكاء العاطفي على وجود الآلات.