افتتح الدورة 18 لمؤتمر الخليج ووزع جائزة تريم وعبدالله عمران
أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، أن قادة دولة الإمارات يركزون جهودهم من أجل تحقيق مستقبل ناجح ومزدهر في كافة ربوع الدولة، وعلى نحوٍ يواكب التطور العالمي، في المعارف والتقنيات، ويأخذ بأفضل النظم والممارسات الدولية، في كافة المجالات والميادين.. جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية من الجلسة الرئيسية لفعاليات الدورة الثامنة عشرة من المؤتمر السنوي لمركز الخليج للدراسات والتي عقدت تحت عنوان «استراتيجية الذكاء الاصطناعي في الإمارات»، بحضور خالد عبدالله تريم رئيس مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، رئيس تحرير جريدة «الخليج» وأدار الجلسة الدكتور يوسف الحسن الكاتب والمفكر الإماراتي.
قال الشيخ نهيان بن مبارك: إن مركز الخليج للدراسات يجسد كل معاني الوفاء والاعتزاز والتقدير لمؤسسي دار الخليج للصحافة، الأخوين المغفور لهما تريم عمران تريم، وعبدالله عمران تريم، بإنجازاتهما الممتدة، في خدمة الإمارات، وبإسهاماتهما الباقية، التي ساعدت هذه الدولة الرائدة، على أخذ مكانتها اللائقة بها، بين دول العالم أجمع.
وأضاف: «أن موضوع المؤتمر: استراتيجية الذكاء الاصطناعي في الإمارات، يتراسل تماماً مع ما كان يسعى إليه، الأخوان الكريمان دائماً، من تمكين المجتمع من الوعي بتطورات المستقبل، والعمل الجاد، من أجل تشكيل معالمه، والاستعداد الكامل للتعامل معه بنجاح، حتى تكون الإمارات دائماً، قادرة تماماً، على الإسهام الفعال، في كافة إنجازات التطور في العالم.
تريم وعبدالله عمران
وأعرب وزير التسامح عن سعادته لرؤية مؤسسة دار الخليج اليوم بعد ما يقرب من خمسين عاماً على تأسيسها، على يد تريم وعبدالله عمران، وهي تقوم بدورها الوطني والقومي المرموق، في سبيل أن تكون الإمارات والأمة العربية كلها موطناً للتقدم والرخاء والسلام والاستقرار على مستوى العالم.
وتابع: كما أقول دائماً، فإن ما يبعث على الاعتزاز حقاً، ما نشهده من التزام خالد عبدالله تريم، وحرص كافة أعضاء أسرة آل تريم الكرام، على أن تستمر دار الخليج، على نهج المؤسسين من تأدية رسالتها الوطنية والقومية المهمة، وأن تكون أداةً فعالة، لتشكيل الحاضر، وصناعة المستقبل، في هذا الوطن العزيز، وفي المنطقة العربية كلها.
وأضاف: «الإنجازات المتميزة للفقيدين المؤسسين لدار الخليج، في مجالات العمل الصحفي والإعلامي، وما تركاه من مدرسة صحفية مرموقة، نرى آثارها في جائزة تريم وعبدالله عمران الصحفية، وأقدم التهنئة للفائزين بالجائزة، ونعلن جميعاً وبكل صدقٍ وإخلاص، الوعد والعهد، على أن نبذل كل الجهد في أن يكون العمل الصحفي والإعلامي في الإمارات، بل وكذلك، العمل الوطني والمجتمعي دائماً».
المؤتمر في عام زايد
وأكد: «أنه ما يضاعف من أهمية المؤتمر هذا العام، أنه ينعقد في عام زايد الخير: المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، كان قائداً فذاً يثق تماماً، في مستقبل الإمارات، وفي قدرة أبنائها وبناتها، على الإسهام الفاعل، في تحقيق أهداف الوطن وطموحاته، – كان، رحمه الله، دائماً يستعد للمستقبل، بما كان معروفاً عنه، من حكمةٍ وشجاعة، حكمة في معرفة آفاق التطور في المستقبل، والشجاعة في التعامل مع ما يشهده العالم، من إنجازات وتطورات. إن موضوع هذا المؤتمر، عن الذكاء الاصطناعي في الإمارات، إنما يجسد ما تعلمناه، من القائد المؤسس، من الحكمة والشجاعة في الأخذ بأحدث ما في العالم، من نظمٍ وتقنيات – نحن في عام زايد الخير، إنما نعبر عن الفخر والاعتزاز، بأن القائد والزعيم المؤسس، سيظل بيننا دائماً، وهو الوالد الرحيم، الذي أرسى دولة الاتحاد – سيظل بيننا دائماً، وهو حكيم العرب، وصاحب المآثر والأمجاد – جزاه الله عنا، خير ما يجزى به، بُنَاة الحضارة، وصُناع النهضة والتاريخ».
قادة الإمارات
وأضاف أن من فضل الله علينا في دولة الإمارات بعد رحيل القائد والمؤسس العظيم، أن وفر لدولتنا الغالية، قيادةً واعية وقادرة، ممثلةً في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وأخيهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو، أعضاء المجلس الأعلى، حكام الإمارات – إن أصحاب السمو قادة هذا الوطن المعطاء، يركزون كل جهودهم، من أجل تحقيق مستقبل ناجح ومزدهر، في كافة ربوع الدولة، وعلى نحوٍ يواكب التطور العالمي، في المعارف والتقنيات، ويأخذ بأفضل النظم والممارسات الدولية، في كافة المجالات والميادين.
وأكد: «إنه في إطار هذا الاهتمام الكبير بالمستقبل، تأتي استراتيجية الذكاء الاصطناعي في الإمارات، ويأتي إنشاء وزارة خاصة، لمتابعة تحقيق ما تمثله هذه الاستراتيجية، من نظرةٍ واثقة لمستقبل الدولة من الآن وحتى مئوية الإمارات في عام 2071 – إن هذه الاستراتيجية الوطنية، كما هو واضح في فعاليات هذا المؤتمر، إنما تؤكد على دور تقنيات الذكاء الاصطناعي، في دعم الإنجازات في كل مجال وعلى دورها في رفع الكفاءة في الأداء، وتحقيق الإتقان في العمل، وتأكيد القدرة، على تحليل كل الظواهر والمتغيرات، والتعامل الذكي معها، بثقةٍ واطمئنان – هذه الاستراتيجية الوطنية، إنما تهدف إلى رفع الإنتاجية، كما أنها تهدف، إلى بناء الطاقات والقدرات الوطنية، في هذا المجال، وإيجاد منظومة وطنية متكاملة، لتحقيق كل الأهداف والغايات، بما في ذلك، تشكيل مجلس الذكاء الاصطناعي، والأخذ بالقوانين والتشريعات الملائمة، وتطوير المناهج وبرامج التعليم، والتنسيق في عمل الوزارات ومؤسسات المجتمع، وإدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، في كافة مناحي الحياة، بالإضافة إلى إجراء البحوث وتطوير التقنيات، بقدرةٍ وكفاءة، وتعميق قنوات التعاون الدولي المثمر، مع الجميع».
وأعرب عن ثقته الكاملة بأن وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي، سوف تكون ناجحة تماماً، في تحقيق كل ذلك، تجسيداً لما نعرفه جميعاً، عن نجاح دولة الإمارات ذاتها في تحقيق كل ما تضعه لنفسها، من أهدافٍ وغايات – نحن في الإمارات، أيها الإخوة والأخوات، سوف يكون لنا بإذن الله، شأنٌ عظيم، في هذا المجال التقني الواعد، الذي سوف يسهم بكل تأكيد، في تشكيل مستقبل الحياة، في العالم أجمع.
القيم والمبادئ والذكاء الاصطناعي
وأشار إلى العلاقة بين القيم والمبادئ والذكاء الاصطناعي، وأهمية التركيز على الحفاظ على القيم والمبادئ، التي تُشكل مسيرة الدولة، وعلى أهمية توفير بيئة متسامحة، تشجع بطبيعتها، على إطلاق قدرات الفرد والمجتمع، على الإبداع والابتكار – الذكاء الاصطناعي، مشدداً على أن تكون الأخلاق والقيم الإنسانية، جزءاً من استراتيجية الذكاء الاصطناعي، بحيث يسهم كل ذلك، في بناء مجتمعات صالحة، ومنتجة، ومسالمة.
وعرَّف وزير التسامح، الذكاء الاصطناعي بأنه أحد مجالات علوم وهندسة الحاسبات الآلية، التي تسعى إلى إيجاد أجهزة ذكية يمكنها محاكاة القدرات الذهنية للإنسان، وتقوم بكثير من الأعمال، التي يقوم بها البشر، وتتعامل مع المواقف المختلفة، مثل البشر تماماً، وبقدر الإمكان.
وتابع: «هذا التعريف المُبسط للذكاء الاصطناعي، يُفسر ما نلاحظه حالياً، من وجود نقاشٍ وحوارٍ نشط، حول المنافع الكثيرة، لهذه التقنيات من جانب، والمخاطر التي قد تنشأ عنها، من جانب آخر – المنافع واضحة، في أن هذه الأجهزة، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، سوف تكون أكثر قدرة، وأكثر كفاءة، وأكثر سرعة، في إنجاز الأعمال، في كافة مجالات الحياة، بما يؤدي إليه ذلك، من تقدمٍ إنسانيٍ مرموق، قد يصاحبه، القضاء على الحروب، والتخلص من الأمراض ومكافحة الفقر، والارتقاء بمستوى الخدمات، وإعادة تشكيل المجتمعات البشرية، نحو الأفضل، بالإضافة إلى آثار ذلك كله على تحقيق السلام والرخاء في ربوع العالم كله».
اختلاف الرؤى
وقال: «على الرغم من وجود اعتقاد لدى الكثيرين بأن هذه الأجهزة الذكية سوف تتصرف، كما يريد لها صانعوها، وأنها سوف تلتزم بالأهداف المطلوبة منها، فإن هناك مَنْ يرى عكس ذلك، وأن هذه التقنيات، قد تكون مصدراً لمخاطر وتحديات مهمة، قد تصل في رأي البعض، إلى تهديد الوجود البشري ذاته – يرى هؤلاء، أن وجود أجهزة قادرة على التفكير المستقل، ولها سيطرة كاملة، على تصرفاتها، قد يؤدي إلى تحولها، إلى أدواتٍ شريرة، يفقد الإنسان القدرة على التحكم فيها».
«ويشير البعض الآخر كذلك، إلى ما قد ينشأ عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، من تغييرات جذرية، في أنماط التوظيف في المجتمع، ومن نشأة هيكلية جديدة للمهن والوظائف، التي يقوم بها البشر، وما قد يترتب على ذلك، من بطالة بين السكان، وتغييرات جذرية، في بُنيان المجتمعات البشرية ذاتها – أضف إلى ذلك، ما يراه البعض أيضاً، من أن الفجوة التقنية بين الدول المختلفة، سوف تجعل من الذكاء الاصطناعي، مصدر قوةٍ للبعض، ومصدر ضعفٍ للبعض الآخر، وأداةً لتوسيع الفجوة، بين دول العالم، في مستويات التنمية والسعادة والرخاء».
وأوضح: «ومع هذه الاختلافات المهمة بين وجهات النظر فإننا نجد على الرغم من ذلك، اتفاقاً عاماً، بأن الذكاء الاصطناعي، هو الآن، جزءٌ من حياة البشر، وأن التطور الدائم في هذه التقنيات، سوف يتحقق بدون شك، وأنه من الضروري، اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، لتحقيق المنافع المرجوة منها، وأن يكون هناك، إدراكٌ كامل، لأية مخاطر محتملة، وبناء القدرة على التعامل معها، بوعيٍ وذكاء – وهنا أحيي مرةً أخرى، مبادرة دولة الإمارات الحبيبة، بإنشاء وزارة متخصصة، للذكاء الاصطناعي، لمتابعة كافة هذه القضايا والأمور».
التسامح والذكاء الاصطناعي
وأشار وزير التسامح إلى أنه في هذا الإطار تأتي أهمية التسامح، وعلاقته بالذكاء الاصطناعي، فمن الواضح تماماً، أنه إذا كان الهدف، هو إيجاد أجهزة ومعدات، تتصرف مثل البشر، وتستطيع الإسهام في حل المشكلات، واتخاذ القرارات، وتحليل الظواهر والمتغيرات، فإنه لا بد من بذل كل الجهد، من أجل أن تكون القيم والمبادئ الإنسانية، جزءاً أساسياً، في برمجة عمل هذه الأجهزة – هذا أمرٌ في غاية الصعوبة، ويتطلب جهوداً بحثية وتقنية هائلة، لأن الأجهزة بطبيعتها، غير قادرة حالياً، على الإحساس بالمشاعر الإنسانية، أو على تغيير الأغراض التي أُنشئت من أجلها، أو على إدراك الآثار البيئية، أو المجتمعية لما تقوم به من عمل، لكني أقول لكم إنه إذا كان الهدف في الذكاء الاصطناعي هو: برمجة تلك الأجهزة، للقيام بما يقوم به المخ البشري، من عمليات معقدة، فإنه من المهم كذلك، برمجة هذه الأجهزة، لتأخذ في الاعتبار، القيم والمبادئ الإنسانية، المشتركة بين بني البشر، إننا إذا استطعنا برمجة قيم التسامح، بما يشمله من الاحترام المتبادل، والرحمة والكرم والجود في التعامل، والاهتمام بمشاعر الآخرين، والتعرف على ثقافات الغير – إذا استطعنا برمجة هذه القيم، في عمل الأجهزة الذكية، فإن ذلك سوف يسهم، في تجنب الكثير من مخاطر الذكاء الاصطناعي، التي يشير إليها «إلون ماسك» وزملاؤه.
استشراف أجهزة الذكاء الاصطناعي
ودعا إلى أن نستشرف معاً، ما يجب أن تكون عليه تطبيقات وأجهزة الذكاء الاصطناعي في المستقبل التي تسهم في تحقيق جودة الحياة في المجتمع وتقدم خدماتها للجميع باحترامٍ، ورحمةٍ وكرمٍ واهتمامٍ بمشاعر وثقافات الآخرين وتعمل وفق مبادئ النزاهة والشفافية وتعمل على نبذ العنف والكراهية، وتسعى إلى تعميق المعرفة، والتفاهم، والحوار بين البشر، نريد أجهزة ذكية تتصرف بحكمةٍ وثقة، وتعمل على ترشيد ظاهرة العولمة، وتحقيق المساواة في التنمية، بين دول العالم، بما يسهم في رخاء المجتمعات البشرية، في كل مكان.
وأضاف: إنه يُقال دائماً، إن لكل عصرٍ أدواته ومخترعاته – هذا هو عصر الذكاء الاصطناعي بلا جدال، وهو تطور طبيعي، لما يشهده العالم، من تقدمٍ علميٍ وتقنيٍ هائل، سوف يؤدي إلى تغييرات جذرية في مسيرة البشرية – إنني أرحب كثيراً، بما يهدف إليه هذا المؤتمر، من التعريف باستراتيجية الإمارات، في هذا المجال الحيوي، وأحيي ما تركز عليه تلك الاستراتيجية، من بناء قدراتنا الذاتية، ومن الوعي بالآثار الاقتصادية والمجتمعية لهذه التقنيات بما في ذلك الجوانب القانونية والأخلاقية، التي تكفل حُسن استخدامها في كافة مناحي الحياة.