وجه الشكر لخليفة ومحمد بن راشد ومحمد بن زايد وسلطان والحكام على جُهودِهم لرفع شأن البلاد
أكد خالد عبد الله تريم رئيس مجلس إدارة دار «الخليج» للصحافة والطباعة والنشر، أن القضية الفلسطينية قضية جوهرية ومركزية في شؤون الأمة العربية، ولطالما كانت موضوعاً مهمّاً تناولته مؤتمرات سابقة عقدتها الدار، ولكن هذه المرة جاء في ذكرى مؤلمة وهي وعد بلفور الذي منح الأرض لمن لا يستحقها، ومنح اليهود وطناً قومياً، كما جاء في ذكرى اتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت الوطن العربي ومنعت قيام الدولة الواحدة.
توجه خالد عبدالله تريم في كلمته إلى مقامِ صاحبِ السُموِّ الشيخ خليفة بن زايدٍ آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحبِ السُمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحبِ السُمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأصحاب السمو حكام الإمارات، بخالص الشكر والتقدير على جُهودهم المتواصلة، لرفع شأن البلاد وتطورها حتى أَصبحَ بلدُنا نَموذَجاً في الاستقرارِ والازدهار، كما أكد سعادته بالحضور وامتنانه للمشاركين في فعاليات المؤتمر.
في كلمته حول «مستقبل المشروع الفلسطيني»، قال: نُقدِّر لكم تلبيتكُم لدعوتِنا، ومُشاركتكُم في أنشطتِنا، ففي دارِ «الخليجِ» نَحرِصُ على التواصلِ مع قَرّائنا ومُحبّينا ليس من خِلالِ مطبُوعاتِنا فقط، بل وكذلك من خِلالِ مُؤتمراتِنا ونَدواتِنا المُتعددةِ التي تُعطِينا الفُرصةَ لِكي نَبحثَ في قَضايَانا المحلِّيةِ، كمَا ننظرُ في شُؤونِ أمتِنا على امتدادِ الوطنِ العَربيّ، وليست هذه إلاَّ سُنّة استنَّها الوالدانِ الرَّاحلان تريم وعبدالله عمران، فقد عمِلا بكلِّ جدٍّ لكي تكونَ دارُ «الخليجِ» مُعبرةً عمَّا يصدرُ عنها، وفي كُلِّ نشاطٍ تحتضنهُ عن مشاعرِ قُرائِها واهتماماتِ مُريدِيهَا، وقد ألهمَانا من خلالِ أعمالهِما أنَّ الثابتَ في كُلِّ ما كانا يسعيانِ لتحقيقهِ، هو الوفاءُ للمبادئِ التِي آمَنا بها، وفي خضمِّ التغيراتِ التي تعصفُ بمنطقتِنَا، والأحداثِ المُتسارعةِ في قلبِها، ظلّ وفاؤهُما للمبادئِ راسِخاً، وانتماؤهُما لقضايا أمَّتهمَا وطيداً، وقد استصحبَ رُسوخَ الوفاءِ للمبادِئِ الانفتاحُ على كلِّ التطوراتِ التّقنيةِ، رحمهُما الله، وأحسن مثواهُما.
قضية جوهرية
وأضاف: «كما جرت العادةُ فإنَّ مؤتمرنا السابعَ عشرَ يتناولُ قضيةً جوهريةً من قضايا أمتِنا، بل هي قضيتهُ المركزيّةُ، وهو موضوعٌ اعتدنا على تناولهِ مرّاتٍ في مُؤتمراتِنا السابقةِ، لكنَّ البحثَ فيهِ هذهِ المرّة لا تقتضيهِ فحسبْ أهميةُ الموضوعِ، وإنما الذِّكرى المؤلمةُ التي قادتْ إليه، فقبل مئةِ عامٍ كان هناكَ وعدٌ ممَّن لا يملكُ أرضاً لإعطائِها لمن لا يستحقّها، نعمْ قبلَ مئةِ عامٍ صدرَ وعدُ بلفور الذي منحَ بدونِ حقٍّ وطناً قومياً لليهودِ في فلسطينَ على حسابِ أهلِهَا، وقبل مئةِ عامٍ أيضاً كانَ هناكَ اتفاقُ سايكس بيكو الذي قسَّم وطننَا العربيَّ، ومنع قيامَ الدولةِ الواحدةِ فيهِ، وقد ترتَّب على اجتماعِ الحدثينِ كوارثُ ومآسٍ ما زالتْ تُعانيها أمتنا العربية».
وأكد أن وعد بلفور كانَ بدايةَ الكارثةِ التي حلَّت بالشعبِ الفلسطينيّ، والتي تجلَّت في التشريدِ والقهرِ والقتلِ، وهي تجلياتٌ ما زالت تتْواصل يُشاهدُها العالمُ، فلا يبدو منهُ غير صمتٍ وتخاذلٍ، ولم تقتصرْ كارثةُ نتائجِ وعدِ بلفور على شعب فلسطينَ، فإنه وإن كان ضحيَّتها الأولى، لكنها كما خطط صانعو الوعدِ، امتدَّت إلى الوطنِ العربي تمزيقاً وتفتيتاً، فالكيانُ الصهيونيّ الذي كان وليدَ الوعدِ، مضى في تحقيقِ ما هُيِّئ له، وكان قيامهُ بحدِّ ذاتهِ فصلاً للتواصُلِ بين العربِ جُغرافياً، وكانت حُروبهُ ضدَّهم إضعَافاً لهم اقتصادياً وسياسياً، وقد اجتمعَ هذانِ العاملانِ ليجعَلا من قُدرةِ الأقطارِ العربيةِ على التوحّدِ أكثرَ صعوبةً، ومن مناعتِها ضدَّ التغلغُلِ ومُحاولاتِ الهيمنةِ أكثرَ ضَعفاً.وحشيةُ الكيانِ
وأشار رئيس مجلس إدارة دار «الخليج» إلى أن عِظم الكارثةِ، ووحشية الكيانِ الصهيونِيّ، ودعم الغربِ له، وصمت العالمِ عن جرائمهِ، أثار مُحفزاتِ الانطلاقِ لدى الفلسطينيين بقيامِ مشروعٍ وطنيٍّ يصِلونَ به إلى غايتهمْ في استردادِ حقوقهم، حيث كان مشروعاً يتمحورُ حول تحريرِ أرضِ فلسطين كاملةً من الاحتلالِ والاغتصابِ الصهيوني، وكان عمادُه مجموعةً متكاملةً من مُستلزماتِ التحرير، لكنَّ المشروعَ الفلسطينِي عانى في صورتهِ الأولى تحدياتٍ جمّة، ومشاكلَ خطيرةً، بعضُها ذاتيةٌ انبثقت من تعدّد المشاربِ، وتبايُنِ الاهتمامات، وتنوّع العلاقاتِ، وقد اجتمع إلى ذلكَ عواملُ موضوعيةٌ دوليةٌ وإقليميةٌ قادتْ إلى تَغييرٍ أساسيٍّ في النظرةِ، إلى كيفيةِ مُقاربةِ استردادِ الحقوقِ، تمظهرتْ في خِياراتٍ اعتمدت في جوهرِها على متطلباتِ الممكِن.
وقال: «إن المشروع الفلسطينيّ اليوم يقف عند مُنعطفٍ خطيرٍ في تطورِه، فإذا قد تخلى عن أن يُنجِزَ ما ابتدأَ به، فقد أصبحَ ما انتهى إليهِ من طلبِ الممكنِ غير ممكنٍ، فالكيانُ الصهيوني أفصحَ في قَوانينهِ كما فِي إجراءاته، بما يدفعُ أيَّ شكٍّ عن نيتهِ في ضمِّ الضفةِ الغربيةِ، وجعل قيام الدولةِ الفلسطينيةِ أمراً مستحيلاً، وأصبح المضيّ كما لو أنَّ الظروفَ لم تتغيرْ، وأن التغيراتِ على الأرضِ لم تحصل نوعاً من العبث، ولأنّ الحقوق الفلسطينيةَ لا يمكن التساهلُ بها، ولا يمكن تضييعُها، فلا بدَّ من تعميقِ النظرِ في بحثِ ما يمكن صنعهُ في ضوءِ المستجداتِ على الأرضِ، وفي نطاقِ المتغيراتِ الدولية، وهو أمرٌ موكولٌ إلى النّخبِ في أمتنا، وأنتم منهم، ولا يُجافينا اليقين بقُدرتكم على القيامِ بمُهمتكُم على أفضلِ وجهٍ».