ضمن أعمال ومناقشات المائدة المستديرة
رسم عدد من الخبراء والمحللين، خريطة طريق جديدة تحمل في ثناياها أدوراً مبتكرة للمجتمع المدني في مواجهة المشروع الصهيوني، ودعم القضية الفلسطينية، بمختلف مساراتها، داخلياً وخارجياً، حيث إن مؤسسات المجتمع المدني، لها الحق في الترخيص، والعمل بحرية في إطار قانوني وشرعي في ظل الأنظمة والقوانين النافذة والمعترف بها.
وأكدوا أن المجتمع المدني، لا يملك الوصول إلى السلطة ولا يفكر بصراع أيديولوجي ولا يستخدم العنف بل يستخدم الأساليب السياسية والسلمية والتوعية، فضلا عن أهمية دعم حركة المقاطعة وفرض العقوبات على «إسرائيل»، إذ يستطيع المجتمع المدني أن يلعب دوراً حاسماً في تلك الحركة.
جاء ذلك خلال أعمال ومناقشات المائدة المستديرة ضمن فعاليات المؤتمر السنوي السابع عشر لمركز الخليج للدراسات، وتنظمه دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، تحت عنوان «مستقبل المشروع الفلسطيني».
أدار الجلسة الكاتب والمفكر الدكتور يوسف الحسن، وتحدث فيها كل من الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، والدكتور عصام الرواس كاتب ونائب رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية في سلطنة عمان، والدكتور علي فخرو كاتب ومفكر من البحرين – وزير التربية والصحة سابقاً، والدكتور عبد الحسين شعبان كاتب وباحث متخصص في القضايا الاستراتيجية العربية والدولية، والدكتور جميل مطر كاتب ومفكر- مدير المركز العربي لبحوث التنمية والمستقبل في مصر.
ركزت الجلسة على عدد من المحاور التي تبلور دور المجتمع المدني في المرحلة المقبلة لدعم المشروع الفلسطيني والتصدي إلى المشروع الصهيوني، منها الثقافة الجديدة حول تلك القضية، أهمية دور المجتمع المدني في دعم المشروع الفلسطيني، جمعيات ومنظمات المجتمع المدني ومدى فاعليتها وكيفية تطوير دورها في المستقبل.الوجود الصهيوني
في البداية أوضح الدكتور علي فخرو، أن هناك ثقافة تبنى بهدوء تام، تجاه الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة، حيث كنا بالماضي نعي القضية الثقافية الفلسطينية بشكل جلي، كما أن مسؤولية جميع العرب تتمثل في الوقوف أمام الخطر الصهيوني، في ظل عدم الحديث عن هذا الخطر فقط، إنما الخطر الحقيقي في عدم إيجاده في أي من الإعلام العربي أو في الثقافة المدرسية، وبالتالي يشكل ذلك خطورة كبيرة، مشيرا إلى أن بعض دلالات ذلك يتمثل في جيل الشباب، الذين لا يعرف 9 من أصل 10 منهم أن 85% من فلسطين لا تزال محتلة، أيضا الكثير لا يعرفون وجود مؤامرة دولية، تتمثل في أن جميع قوى جيوش الدول العربية، يجب ألا تزيد قط عن قوة الجيش الصهيوني، كما أن كثيرين لا يعرفون عما كُتب وقيل من قِبل قادة الصهاينة بأن أي شيء بالأرض العربية قد يشكل خطرا على ««إسرائيل»» سيتم تدميره، ومثال على ذلك تدمير المفاعل الذري بالعراق.
وأضاف أن مثل هذه القضايا والتي تجعل الإنسان العربي يشعر بوجود خطر، بات الآن يُزال شيئا فشيئا، لافتا إلى قلب الأولويات، حيث أصبح يُدخل الخطر الصهيوني بالموضوع الثقافي الديني، بمعنى دخول «الصهيوني» في الصراع طويل الأمد بين السنة والشيعة، من أجل إنقاذ السنة من الخطر الشيعي، حيث يعد هذا تطورا بالغ الخطورة.
مد الجسور
وتابع: إن حالة التعويد على سماع الصوت الآخر ومد الجسور في الإعلام العربي، لم تكن سابقا موجودة، حيث لم يكن بالإمكان سابقا استضافة مندوب رسمي صهيوني بأي قناة في الإعلام العربي، كي يعلق على أحداث تجري على أرض عربية، لافتا إلى محاولة ثقافية حقيقية، تتمثل في إزالة كل مواقف الدين الإسلامي من الموضوع اليهودي، بمعنى تجفيف ما كان ممكن استعماله في الصراع بيننا وبين الوجود الصهيوني، وإخراجه من الجانب الثقافي، كي يتحول إلى موضوع ديني فقط.
وذكر فخرو أنه كان سابقاً يقال لنا ما وراء الوجود الصهيوني، مثل وعد بلفور والتآمر البريطاني الأمريكي، إلا أن الجيل الجديد ليست لديه خلفية عن هذا الأمر، وبالتالي ليس لديه حساسية تجاه الخطر الصهيوني أو الدولتين اللتان كان لهما الدور الفاعل في مساندة الوجود الصهيوني، أيضا ونحن في ظل نظام العولمة، لم يعد للمقاطعة أي مكان، وبالتالي لم يعد مشكلة للفنانين العرب في الغناء ب«تل أبيب»، أو مشاركة الرياضيين العرب «للإسرائيليين» في اللعبة ذاتها، كذلك التجارة أو العلوم أو الجامعات.
3 توائم
بدوره، قال جميل مطر، إن هناك 3 توائم، هم أشبه بالفرسان الثلاثة، نشأوا سويا وفي وقت واحد، في ظل موجة المد القومي بالوطن العربي، وهم نظام الإقليم العربي، والقضية الفلسطينية، والمجتمع المدني، حيث إنه لا يمكن فصل أي منهم عن الآخر، مشيرا إلى أنه في أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات، بلغ عدد المنظمات والجمعيات على امتداد الوطن العربي 180 جهة، مثل اتحاد الأطباء العرب، واتحاد المحامين العرب، واتحاد الصيادلة العرب.
وأضاف أن النظام العربي ينفرط، أو في طريقه للانفراط، أما المجتمع المدني فقد انفرط بالفعل، بينما هناك إجماع على أن القضية الفلسطينية في أزمة، وبالتالي فإن التوائم الثلاثة في مشكلة حقيقية، داعيا إلى تشكيل لجنة أو إصدار، نظرياً وليس واقعياً، كي يعيد ترميم هذه المؤسسات «التوائم» لإعادة الصلة فيما بينها، حيث يتم البدء بإعادة تنشيط المجتمع المدني، ومنه إعادة تنشيط جمعيات طلابية في أكثر من دولة عربية، حيث إنه في مصر هناك أكثر من 35 جامعة، عليها أن تعيد وضع بند فلسطين كي يصبح الأول في ميثاقها كما كان في السابق.
وتابع: إن «إسرائيل» لا تُدرس في 35 جامعة مصرية، ليس بقرار حكومي، إنما هو جزء من انفراط التوائم الثلاثة، وذلك لعدم وجود الاهتمام بهذا الأمر، كذلك لا يوجد دراسات عليا مثل الماجستير أو الدكتوراه حاليا، تُعد عن القضية الفلسطينية في الجامعات العربية، كما كان قبل 20 سنة مضت، مطالباً الأساتذة واتحاد طلاب الجامعات بأهمية إعادة تنشيط برامج أو مناهج تعليمية حول «إسرائيل»، في ظل وجود العديد من خريجي ترجمة اللغة العبرية لكن من دون مهنة، حيث يبلغ عدد الخريجين من هذا التخصص 400 شخص سنوياً في جامعات مصر فقط.
وقال إنه في بداية صعود تيار النظام العربي، كان للعديد من الأثرياء الفلسطينيين دور في إنشاء جمعيات، تشكل بدورها وسيلة ضغط سياسي على ياسر عرفات في أحد الأوقات، إلا أن المجتمع العربي حاليا يتصف بالضعف.
الدعم الإنساني
من جهته، أكد الدكتور عصام الرواس كاتب ونائب رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية في سلطنة عمان، أن المجتمعات والدول العربية حملت الكثير من ثقل القضية الفلسطينية على مدى السنوات الماضية، ولا تزال كذلك، سواء من دول الجوار أو الخليج العربي، وقد ساهمت جميعها في دعم القضية الفلسطينية اقتصاديا وسياسيا، كما أن الجوانب الإنسانية تشكل أهمية كبرى في هذه المرحلة بالتحديد، في ظل عدم الثقة العقائدية والحزبية حاليا.
وأضاف: في سلطنة عُمان، ومن خلال المؤسسة الخيرية العمانية، لدينا تعامل في الجوانب الإنسانية مع كل من قطاع غزة والضفة الغربية، حيث حققنا نجاحا واسعا، بعيدا عن التهويل الإعلامي، ومن دون أن يعرف أحد ماذا قدمنا، مشيرا إلى أن هذا يعد جزءا من الواجب الإنساني تجاه الإخوة الفلسطينيين.
الصمود
وتابع الرواس إن قضية الصمود في الداخل الفلسطيني في غاية الأهمية، في ظل شح فرص العمل، حيث إن نسبة 80% من سكان قطاع غزة يعانون من عدم العمل، فضلا عن 60% في الضفة الغربية، حيث إن التفوق الديمغرافي بات يشكل تهديدا وقلقا ل«إسرائيل».
وأوضح أنه عند قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، كان يعتقد البعض أنها باتت دولة ومسؤولة عن الشعب، لافتا إلى أن الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج العربي، لا تزال تقدم مساعدات غير مشروطة للشعب الفلسطيني، داعيا إلى ضرورة تقديم مشاريع استثمارية في فلسطين، سواء إنسانية أو صحية أو تعليمية، تعمل على دفع الشباب الفلسطيني على إنشاء مؤسسات مستقلة، بعيدا عن القضايا العقائدية أو الدينية أو الحسابات الدولية.
مليون لاجئ
وذكر أن الشعب الفلسطيني ليس الوحيد من بين الشعوب العربية الذي يحتاج إلى مساعدات، في ظل وجود مليون لاجئ سوري في لبنان ومليون آخر في الأردن، ومليون مواطن ليبي يقيمون في تونس، فضلا عن الأزمة اليمنية والعراقية، حيث إن فكرة تأسيس جمعية إنسانية كبيرة لقيام الشعوب بمساعدة الحكومات، كونها لا تستطيع تلبية المساعدات اللازمة للملايين الذين أصبحوا يعيشون في الشتات بعيدا عن منازلهم وأوطانهم، في ظل وجود أفراد من الداخل الفلسطيني ومن بلدان عربية أخرى، عدم المساهمة في الدعم المادي، داعيا كلا منهم إلى تحمل مسؤولية دوره تجاه الوضع الإنساني.
وقال إن القضية الفلسطينية تشكل هاجسا لكل بيت عربي، كما أنها على رأس اولويات السياسة العربية، إلا أنه بات من الأهمية تنظيم المسار والتغيير، من أجل النظرة القادمة، حيث إنه لا يمكن العيش بالأساليب القديمة في الوقت الحالي.
تضييق الحريات
أكد عبد الحسين شعبان أهمية دور المجتمع المدني، في مستقبل القضية الفلسطينية، لا سيما أنه يتم التعامل معه بطرق مختلفة، إذ يعتقد البعض أن التضييق على حريات المجتمع المدني، يعني التضييق على حريات الناس، وتسأل هل هناك وجود لمجتمع مدني حقيقي، وإن وجد فهل هناك حرية، وماذا نريد من المجتمع المدني؟ هل نريده قوة احتجاجية؟ أو امتدادا للقوى والأحزاب السياسية؟ أم نريده قوة اقتراح وقوة شراكة مع الدولة لمسيرة التنمية وكل ما يتعلق بها داخليا وخارجيا.
وأشار إلى هناك جزءا من المجتمع المدني جاء في صورة مخلفات الحرب الباردة، إذ كانت الأحزاب تصنع مجتمعا مدنيا، مثلما تصنع الدولة الآن بعض المؤسسات المجتمع المدني حيث تريدها امتدادا لها، فهناك دول طائفية ومذهبية تؤسس مؤسسات مجتمع مدني لتتولى بعض مهامه السياسة والسلطة.
جوانب إيجابية
وركز شعبان على بعض الجوانب الإيجابية التي أراد بها المجتمع المدني، التي استطاع فيها أن يحقق نتائج إيجابية على الصعيد العالمي، وتتبلور في 4 تجارب، الأولى تتعلق بملاحقة شارون في زيارته لبلجيكا ومنعه من زيارتها بعد ملاحقته، وامتدادا لهذه القضية جرى ملاحقة إلي عازار في إسبانيا هو و7 من المتهمين في ارتكاب جرائم حرب وأيضاً ملاحقة تسيفي ليفني وزيرة الخارجية «الإسرائيلية» في بريطانيا، هذا كله استطاع المجتمع المدني بالتعاون مع ناشطين وحقوقيين ومحامين دوليين مناصرين للقضية الفلسطينية من تحقيق إسهام كبير على هذا الصعيد.
فيما تركز التجربة الثانية، على مؤتمر دبلن عام 2001 حيث استطاعت مجموعة قوية ومؤثرة أن تلعب دوراً إقناعياً وإقامة جسور مع منظمات المجتمع المدني في العالم، وفي المؤتمر المنعقد في جنوب إفريقيا، وتمكن في نهاية المطاف 3000 منظمة حقوقية مدنية من فضح «إسرائيل» وممارستها العنصرية، لكن للأسف الشديد لم يستغل العرب هذا النصر السهل. وفي عام 1991 تم إعدام هذا القرار بسبب التراجع العربي ودخول القوات العراقية للكويت وانهيار الاتحاد السوفييتي وتصدع الموقف الفلسطيني والعربي والذي كان من نتائجه الذهاب إلى أوسلو واتفاقيات مدريد.
وأوضح شعبان أن التجربة الثالثة، تتعلق بحملة التضامن التي استطاعت منظمات المجتمع المدني في العالم من إطلاق يوم محدد خرجت به تظاهرة في 400 مدينة بالعالم تندد بغزو العراق وتدعم الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 بعد أن وصلت اتفاقية أوسلو إلى طريق مسدود 1999.
أما التجربة الرابعة فجاءت تحاكي حركة المقاطعة الأكاديمية والثقافية، لعدد من الجامعات «الإسرائيلية» خصوصا جامعة حيفا وجامعة بار إيلان واستطاع المجتمع المدني والجهات الثقافية العربية والدولية وأصدقاؤهم أن يتضامنوا مع العرب ومع الفلسطينيين، ويعلنوا هذه الجامعات باعتبارها رديفا وظهيرا لتأييد قرارات الاحتلال والاستيطان، وأضيف إلى ذلك حركة التضامن التي تدعم ومقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، حيث بدأت عام 2005 وتمتد الآن إلى 200 مدينة منظمة، بدأت مؤخرا في شهر مارس/آذار الماضي، حملة تضامن في الضفة والناصرة وغزة، وهي حركة شاملة هدفها عزل النظام الصهيوني أكاديميا وثقافيا واقتصاديا، ونجحت في العديد من البلدان بما فيها فرنسا من التعامل مع بنوك ومصارف وشركات تأمين وغير ذلك.
وأكد: «على الحكومات أن تدعم مؤسسات المجتمع المدني وأن ترخص له، وان تسمح له بالعمل بحرية في إطار قانوني وشرعي في ظل الأنظمة والقوانين النافذة والمعترف بها، خصوصا أن المجتمع المدني لا يملك الوصول إلى السلطة ولا يفكر بصراع أيديولوجي ولا يستخدم العنف بل يستخدم الأساليب السياسية والسلمية والتوعية والأكثر تأثيرا على مجالات الرأي العام تلك التي لا تستطيع الحكومات من الوصول إليها.
وقال: «لدينا الآن مسألة مركزية في إطار حركة المساهمة صدر قرار من مجلس الأمن بإزالة الاستيطان في ديسمبر/كانون الأول 2016 يمكن ذلك أن يشكل محورا لتحرك عربي وفلسطيني ودولي في إدانة ومواجهة الاستيطان باعتباره جريمة يحاسب عليها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي المعاصر، ويدعو مرتكبيها للوقوف أمام القضاء الدولي وتدينهم اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية فهذا سلاح بيدنا يمكننا أن نستخدمه».
5 آليات
من جانبه أكد الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أن هناك 5 آليات من الممكن أن يقوم بها المجتمع المدني العربي لخدمة القضية الفلسطينية، كنشر الرواية الصحيحة عما يجري في فلسطين ومقاومة وتفنيد الرواية الصهيونية التي تحاول أن تنتشر في العالم العربي.
وأشار إلى أن هناك أفكارا كثيرة تحاول «إسرائيل» الترويج لها في العالم العربي، فمثلا الادعاء بأن النضال الفلسطيني إرهاب، وأن الانقسام الفلسطيني هو السبب في انعدام الحل، بالإضافة إلى أن الفلسطينيين يرفضون السلام وأنهم باعوا أرضهم وهاجروا وغيرها من الأفكار التي تحاول أن تشوه الوعي العربي تجاه قضية فلسطين حتى تضعف المناصرة.
وأوضح أن هناك حقائق تاريخية مشوهة، ممثلا على ذلك بالانطباع العربي والعالمي أن «إسرائيل»»الجبارة «استطاعت أن تهزم 6 جيوش عربية في حرب 1948، بينما المعلومات التي لم تنشر تؤكد أن عدد الجنود العرب في بداية الحرب كان 11 ألفاً وفي ختامها كان 20 ألفاً، وفي المقابل كان عدد الصهاينة 60 ألفاً في بداية الحرب وأصبح 112 ألفاً في نهايتها.
حقائق تاريخية
وفي هذا الصدد أشار إلى أنهم حاولوا إنتاج فيلم وثائقي لتسليط الضوء على مثل تلك الحقائق التاريخية وتوضيحها اسمه«روايتنا» وحاولنا نشره في عدة محطات، إلا أنه لم يجد تجاوبا من وسائل الإعلام.
وأوضح أن الآلية الثانية التي من الممكن أن يقوم بها المجتمع المدني العربي تتمحور في دعم حركة المقاطعة وفرض العقوبات على «إسرائيل»، مشيراً إلى أن المجتمع المدني يستطيع أن يلعب دوراً حاسماً في هذه الحركة، فعلى سبيل المثال هناك معركة في «فيفا» بحكم أن «إسرائيل» وهي عضو في الفيفا تستخدم أموال الفيفا وعضويتها وأنديتها لتغذية البؤر الاستيطانية وتوسعتها.
دعم الصمود
في حين أكد أن الآلية الثالثة تتمثل في دعم الصمود الوطني للمجتمع المدني الفلسطيني خاصة أن هناك تراجعا كبيرا في حجم هذا الدعم، وقال البرغوثي: إن الدعم الذي يأتي ل«إسرائيل» من الولايات المتحدة وحدها عبر مؤسسات المجتمع المدني لا يقل عن 20 مليار دولار سنويا متجاوزا حجم الدعم الرسمي الذي يصل إلى 3 – 4 مليارات دولار سنويا.
وحذر البرغوثي من جهاز أسسته «إسرائيل» متخصص لتشويه سمعة المؤسسات المدنية الفلسطينية لقطع التمويل عنها، مشيرا إلى أن كل من يشترك بحركة المقاطعة مهدد بأن يتم حظر عمله وهذا طبعا كلام خطر على حد قوله إذا أخذنا بعين الاعتبار أن 50% من الرعاية الصحية في فلسطين تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني، و90% من رعاية ذوي الإعاقة يقوم بها المجتمع المدني، وحوالي 100% من التعليم ما قبل المدرسي أيضا تقوم به مؤسسات المجتمع المدني.
وسائل التواصل
أما حول الآلية الرابعة فبين البرغوثي أن احد الأشكال التي تتبعها «إسرائيل» هو أن تأتي بوفود دولية إلى أرضها ثم تمنعها من التوجه إلى الجانب الفلسطيني وتشوه رؤيتهم مؤكدا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الوفود، لكن هناك تجربة لسفير فلسطين في بلغاريا عندما اتفق مع سفراء بعض دول الخليج العربي، على إحضار وفود برلمانية رفيعة المستوى، تأتي إلى زيارة الخليج العربي ثم تأتي إلى فلسطين وهكذا يحصلون على معلومات دقيقة وصورة دقيقة عن حقيقة الواقع ويتشارك الجميع في إيصالها.
وختم د. البرغوثي جلسته قائلاً: إن المناصرة في هذا الوقت ليست مقتصرة على الفلسطينيين وإنما العرب ككل بحاجة إليها، فبحسب المعلومات في الكونجرس الأمريكي هناك 6 أشخاص من العالم العربي فقط مقابل 164 يعملون لصالح اللوبي الصهيوني يعمل 8000 يهودي في الكونجرس الأمريكي كمساعدين وموظفين ومتدربين، وهنا علينا الاستعانة بالكم الهائل من الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات الأمريكية لمناصرة القضايا العربية وهذا من الممكن ان يعود بالنفع.
ودعا البرغوثي إلى استغلال انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بصورة فاعلة لمناصرة القضية الفلسطينية والقضايا العربية.
زيادة منظمات المجتمع المدني
أكد الدكتور يوسف الحسن أن المجتمع المدني بأشكاله المختلفة، وبمفاهيمه المتنوعة، ازدادت جمعياته ومنظماته في السنوات الأخير، حيث يقول أحد الكتاب بشكل ساخر بأن زيادة عددها يساوي محطات الوقود في البلاد العربية.
وأوضح أن تجربته الشخصية في هذا المجال، تؤكد أن داعمي هذا لاتجاه ركزوا على تأسيس منظمات وجمعيات في 3 أو 4 دول بعينها خلال العقد الأول من القرن الحالي، حيث ضمت مصر وفلسطين والضفة الغربية ومعها الأردن، وإحدى دول المغرب العربي، وتم التركيز على خلق بعض هذه الجمعيات المدنية، مضيفاً أنه وهنا لا نتحدث عن أحزاب عقائدية، بل نتحدث عن الإطار الذي لقى موازنات ودعما بلا حدود، خاصة في مجالات حقوقية، فهناك 120 ألف جمعية في مصر بدءاً بجمعية «دفن الموتى» وصولاً إلى «ابن خلدون» التي تنتمي إلى سعد الدين إبراهيم، وهي تجسد بعض المعاني من الوقف القديم في تاريخنا وتراثنا في هذا المجال.